سعيد بن حيدرة :
يعسر على كثير من الأدباء الذين لم يروا هذا الكتاب أن يفهموا موضوعه حق
الفهم ، فيحسبونه كما يتبادر إلى فهمهم أنه في علم المنطق , وتصحيح أشكاله , ومقاييسه
, ولقد ذهب من قبل مؤرخ للآداب العربية في كتابه إلى أن ابن السكيت قد ألف في علم المنطق
, وعلمت بأخرى أن أحد الأساتذة المشتغلين بالفلسفة راقه عنوان هذا الكتاب , فبادر بانتزاعه
من أحد أصحاب المكتبات , وعاد به جذلان ، حتى إذا كان ببعض الطريق , يقلب الطرف في
صفحاته , ابتسم ، ثم غلبه الضحك مما أخلفه الظن !.
وهذا الكتاب قد أراد ابن السكيت به أن يعالج داءً كان قد استشرى في لغة
العرب , والمستعربة ، وهو داء اللحن , والخطأ في الكلام ، فعمد إلى أن يؤلف كتابه ,
ويضمنه أبوابًا يمكن بها ضبط جمهرة من لغة العرب ، وذلك بذكر الألفاظ المتفقة في الوزن
الواحد مع اختلاف المعنى ، أو المختلفة فيه مع اتفاق المعنى ، وما فيه لغتان أو أكثر
، وما يعلُّ ويصحح ، وما يهمز , وما لا يهمز ، وما يشدد , وما تغلط فيه العامة .
وقد عرف هذا الكتاب قديمًا , وعني به كبار اللغويين.
وقال
صاحب : كشف الظنون : وهو من الكتب المعتبرة المصنفة في الأدب ، ولذلك تلاعب الأدباء
به بأنواع من التصرفات ، فشرحه أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد المريسي , المتوفى
في حدود 460 , وزاد ألفاظًا في الغريب ، وأبو منصور محمد بن أحمد الأزهري الهروي ,
المتوفى سنة 370 , وشرح أبياته أبو محمد يوسف بن الحسن السيرافي النحوي المتوفى سنة
385, ورتبه الشيخ أبو البقاء عبد الله بن الحسين
العكبري , المتوفى سنة 616 , على الحروف , وهذبه أبو علي الحسن بن المظفر النيسابوري
اللغوي الضرير , المتوفى سنة 502 , وسماه : التهذيب , وعلى تهذيب الخط رد لأبي محمد
عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب , المتوفى سنة 567 : وعلى الأصل رد لأبي نعيم
على بن حمز البصري النحوي , المتوفى سنة 375 , ولخصه أيضًا أبو المكارم علي بن محمد
بن هبة الله النحوي , المتوفى سنة 561 , وناصر الدين عبد السيد بن علي المطرزي , المتوفى
سنة 610, وعون الدين يحيى بن محمد بن هبيرة
الوزير , المتوفى سنة 560 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق