سعيد بن حيدرة :
قال الله تعالى : « خَتَمَ
اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ »
الخَتَمَ
|
مصدر ختمت الشيء ،
ومعناه : التغطية على الشيء والاستيثاق منه حتى لا يدخله شيء ، ومنه ختم الكتاب والباب
وما يشبه ذلك حتى لا يوصل إلى ما فيه ولا يوضع فيه غيره.
|
الصورة في هذه الآية
هي صورة الكافرين . وهي تمثل مقومات الكفر في كل أرض وفي كل حين : ولن تستطيع أن تدرك روعة التعبير ، والتصوير إلا بموازنتها بالصورة المقابلة لها ، وهي صورة المتقين
التي سبقت في الآيات السابقة فالنوافذ المفتوحة في أرواح المتقين ، والوشائج التي تربطهم
بالوجود وبخالق الوجود ، وبالظاهر والباطن والغيب والحاضر هي عكسها في هذ التعبير ..
فالصورة توضح ملامح
الشخصية التي تحصنت بالإباء ، فلم تخضع للنداء الإلهي فالنوافذ المفتحة كلها هناك ،
مغلقة كلها هنا . وإن الوشائج الموصولة كلها هناك ، مقطوعة كلها هنا : «خَتَمَ اللَّهُ
عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ» ختم عليها فلا تصل إليها حقيقة من الهدى ولا صدى.
قال الشوكاني رحمه
الله : المراد بالختم والغشاوة هنا هما المعنويان لا الحسيان أي لما كانت قلوبهم غير
واعية لما وصل إليها ، والأسماع غير مؤدية لما يطرقها من الآيات البينات إلى العقل
على وجه مفهوم ، والأبصار غير مهدية للنظر في مخلوقاته وعجائب مصنوعاته جعلت بمنزلة
الأشياء المختوم عليها ختما حسيا ، والمستوثق منها استيثاقا حقيقيا ، والمغطاة بغطاء
مدرك . ا.هـ .
وفي إسناد الختم إلى
القلوب استعارة تمثيلية فقد شبّهت قلوبهم في نبوّها عن الحقّ وعدم الإصغاء إليه بحال
قلوب ختم الله عليها وهي قلوب البهائم وهو تشبيه معقول بمحسوس . أو هو مجاز عقليّ وهو
باب واسع عند العرب يقولون : سال بهم الوادي إذا هلكوا وطارت بفلان العنقاء إذا طالت
غيبته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق