الاثنين، 1 ديسمبر 2014

من لطائف التعبير القرآني : إفراد السمع وجمع القلوب والأبصار في الآية (7) من سورة البقرة .

سعيد بن حيدرة :

من لطائف التعبير القرآني ، التي تجعل المرء يوقن أن كل كلمة ، وكل تعبير قصد بعينه ، ليكون للمتدبرين آية أنه من لدن حكيم خبير .
ومن أجمل اللطائف ما تثيره هذه الآية من تسآؤل :
خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (7) . فالسؤال هنا لماذا أفرد السمع ، ولم يجمع كما جمع ( قلوبهم ) و ( أبصارهم ) ؟.
وقد ذكر لهذا الإفراد عدة تعليلات منها :
1.  أريد منه المصدر الدال على الجنس ، أي السمع ، وليس الأداة التي يتم بها السمع ، ولذلك لما أراد الآلة في آيات أخرى جمعها ، مثل قوله تعالى : يجعلون أصابعهم في آذانهم [البقرة: 19] . وقوله : وفي آذاننا وقر [ فصلت: 5 ] .
لكن لما عبر بالسمع أفرد لأنه مصدر بخلاف القلوب والأبصار ؛ فالقلوب متعددة والأبصار جمع بصر الذي هو اسم لا مصدر .
2.   وإما لتقدير محذوف أي وعلى حواس سمعهم أو جوارح سمعهم .
اللطيفة المرادة من الإفراد :
في إفراد السمع لطيفة روعيت ذكرها ابن عاشور في تفسيره المسمى : التحرير والتنوير قال ابن عاشور :
" هي أن القلوب كانت متفاوتة واشتغالها بالتفكر في أمر الإيمان والدين مختلف باختلاف وضوح الأدلة ، وبالكثرة والقلة وتتلقى أنواعا كثيرة من الآيات فلكل عقل حظه من الإدراك ، وكانت الأبصار أيضا متفاوتة التعلق بالمرئيات التي فيها دلائل الوحدانية في الآفاق ، وفي الأنفس التي فيها دلالة ، فلكل بصر حظه من الالتفات إلى الآيات المعجزات والعبر والمواعظ ، فلما اختلفت أنواع ما تتعلقان به جمعت.
وأما الأسماع فإنما كانت تتعلق بسماع ما يلقى إليها من القرآن فالجماعات إذا سمعوا القرآن سمعوه سماعا متساويا وإنما يتفاوتون في تدبره والتدبر من عمل العقول فلما اتحد تعلقها بالمسموعات جعلت سمعا واحدا. "


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  وقفة بلاغية : وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) اخت...