الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

شعراء في وجداننا .... 2 \ عنترة العبسي

سعيد بن حيدرة :

شعراء في وجداننا
2 \ عنترة العبسي



 صالح بحرق 
هو أبو المغلس عنترة بن عمرو بن شداد العبسي نجل أب شريف وأم حبشية تدعى
زبيبة ، فهو من هجناء العرب وأغربتهم . فانتفى منه أبوه منذ ولادته على عادتهم في أبناء الإماء ، ولكنه نزع بنفسه عن حال العبودية وأخذ يروض نفسه على الطراد والفروسية حتى غدا مسعر حرب وقائد كتيبة .
واتفق أن بعض أحياء العرب أغاروا على عبس فاستاقوا إبلهم وتبعهم العبسيون وعنترة فيهم . فقال له أبوه : كر يا عنترة . فأجابه وهو يحنق عليه استعباده إياه : العبد لا يحسن الكر، وإنما يحسن الحلب ، والصر . فقال : كر وانت حر. فكر فقاتل قتالاً شديداً حتى هزم المغيرين ، واسترجع الابل ، فاستلحقه أبوه وأخذ اسمه منذ يومئذ يسير ، وذكره يطير حتى أصبح مضرب المثل في الإقدام والجرأة . وله في تعليل شهرته وشجاعته رأي حصيف لابأس بذكره.
قال له قائل : أنت أشجع الناس ، واشدهم ، فقال له : لا . قال : فبماذا شاع لك هذا في الناس ؟ قال : كنت أقدم اذا رأيت الإقدام عزماً وأحجم إذا رأيت الإحجام حزما ، فلا أدخل موضعا لا أرى لي منه مخرجا. وكنت أعتمد الضعيف الجبان وأضربه الضربة الهائلة يطير لها قلب الشجاع فاثني عليه فاقتله.
قاد عنترة كتائب عبس في حرب داحس والغبراء احسن قيادة ، وبلغ أوج السيادة. ثم تنفس به العمر حتى وهن عظمه ورق جلده وقتل حوالي سنة 615م .
شعره :
لم يرو عن عنترة في حال رقه  من الشعر جيد ولا ردىء. لأن العبودية ترين على القلوب وتطفئ ضرام العواطف ، فلما استلحقه أبوه وحالفه الفوز في حربه ، فاستولى حب عبلة على قلبه جاش الشعر في صدره ، وجرى على لسانه في الفخر والحرب والحب ، فجاء بالمعجب المضرب ، تجد لشعره حلاوة الغزل ومتانة الفخر ، إلا أن أكثره مدخول النسب لا يمت إليه إلا بتشابه الأسلوب والغرض.
فمن شعره الذي لا دخل في أصله معلقته الرقيقة الفخمة التي نظمها دفاعا عن شاعريته واثباتا لفصاحته : فقد حدثوا أن رجلاً من عبس سابه فذكر سواده وأمه. فقال له عنترة :( إني لأحضر البأس ، وأوفي المغنم ، وأعف عن المسألة ، وأوجد بما ملكت يدي ، وأفضل الخطة الصماء).

فقال له الساب : أنا أشعر منك فقال : ستعلم ذلك. ثم غدا على الناس بمذهبته المشهورة فقطع خصمه ونقض حكمه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  وقفة بلاغية : وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) اخت...