سعيد بن حيدرة :
(السَّاعَةُ) : يوم
القيامة جرت علما لها كالنجم للثريا والكوكب للزهرة سميت بذلك ؛ لأنها تقوم في آخر
ساعة من ساعات الدنيا أو لأنها تقع بغتة وبديهة . والساعة أيضا آلة يعرف بها الوقت
بحسب الساعات (مولدة) ومنها الساعة الرملية والساعة الشمسية كما في القاموس .
في قوله « ويوم تقوم
الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة » جناس تام ، وهو من المحسنات اللفظية ،
ويعد زينتها ، وأشهرها ، وهو أن يتفق اللفظان في النطق ، ويختلفا في المعنى ففي
الآية الكريمة ذكرت الساعة مرتين ، ولكل منهما معنى .
وروعة التعبير القرآني بهذا اللون من البلاغة
يكمن في تصوير ذلك الذهول الذي يصيب الكفار حتى يفقدهم الإحساس بالزمن فيتضاءل في حسهم
كل ما وراءهم قبل هذا اليوم ، فيقسمون : ما لبثوا غير ساعة.
فإذا حشروا استقلوا
مدة مكثهم في دار الدنيا ، حتى كأنها قدر ساعة عندهم ، وقد فصل هذا المعنى في مواضع
أخر ، كقوله في آخر « الأحقاف » : كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من
نهار [35] ، وقوله في آخر «النازعات» : كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها
الآية [46] ، واستكمل مشهد ذلك في قوله في سورة « الروم » : ويوم تقوم الساعة يقسم
المجرمون ما لبثوا غير ساعة الآية [55] .
روعة ـ أستاذ سعيد ـ ومن ظريف ما يذكر حكى الشعراوي قصة له مع الجناس في الكلام عن هذه الآية فقال:
ردحذفولي أنا وزميلي الدكتور محمد عبد المنعم خفاجة - أطال الله بقاءه - قصة مع الجناس، ففي إحدى حصص البلاغة، قال الأستاذ: لا يوجد في القرآن جناس تام إلا في هذه الآية بين ساعة وساعة، لكن يوجد فيه جناس ناقص، فرفع الدكتور محمد أصبعه وقال: يا أستاذ أنا لا أحب أنْ يُقال: في القرآن شيء ناقص.
فضحك الشيخ منه وقال له: إذن ماذا نقول؟ وقد قسم أهل البلاغة الجناس إلى تام وناقص: الأول تتفق فيه الكلمتان في عدد الحروف وترتيبها وشكلها، فإن اختلف من ذلك شيء فالجناس بينهما ناقص، كما في قوله تعالى: {ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [الهمزة: 1] فبين هُمزة ولمزة جناس ناقص؛ لأنهما اختلفا في الحرف الأول.
أذكر أن الشيخ أشار إليَّ وقال: ما رأيك فيما يقول صاحبك؟ فقلت: نسميه جناس كُل، وجناس بعض، يعني: تتفق الكلمتان في كل الحروف أو في بعضها، وبذلك لا نقول في القرآن: جناس ناقص.
شكراً لك أستاذ يحيى على هذا التعليق ، وهذه الفائدة .
ردحذف