السبت، 24 يناير 2015

فوائد الأمثال السائرة

سعيد بن حيدرة :
المَثَلُ : قسم من الحكم ، يرد في واقعة لمناسبة اقتضت وروده فيها ، ثمّ يتداولها الناس في غير واحد من الوقائع التي تشابهها دون أدنى تغيير لما فيه من وجازة وغرابة ودقة في التصوير.
والمثل بتحريك الثاء : ما يضرب ويوضع لبيان النظائر في الاحوال .
والأمثال حكمة العرب في الجاهلية والإسلام وبها كانت تعارض كلامها فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في المنطق بكناية. ومن سيتعرض كتب الأدب يجد أمثالاً كثيرة منها قولهم : قطعت جهيزة قول خطيب ، وقولهم : قبل الرماء تملأ الكنائن .
ذكر غير واحد من الاُدباء فوائد جمة للمثل السائر :
1. قال ابن المقفّع ( المتوفّـى عام 143 هـ ) : إذا جعـل الكلام مثلاً كان أوضح للمنطق ، وآنق للسمع ، وأوسع لشعوب الحديث.
2. وقال إبراهيم النظّام ( المتوفّـى عام 231 هـ ) : يجتمـع في المثل أربعـة لا تجتمع في غيره من الكلام : إيجاز اللفظ ، وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه ، وجودة الكناية ، فهو نهاية البلاغة.
3. وقال الرازي ( المتوفّى عام 606 هـ ) : الأمثال تؤثر في القلوب ما لا يؤثره وصف الشيء في نفسه ، فهو تشبيه الخفي بالجلي ، والغائب بالشاهد ، ألا ترى أنّ الترغيب إذا وقع في الإيمان مجرّداً عن ضرب مثل له لم يتأكد وقوعه في القلب كما يتأكد وقوعه إذا مُثّل بالنور ، وإذا زهد في الكفر بمجرّد الذكر لم يتأكد قبحه في العقول ، كما يتأكد إذا مثل بالظلمة ، وإذا أخبر بضعف أمر من الأمور وضرب مثله بنسج العنكبوت كان ذلك أبلغ في تقرير صورته من الاِخبار بضعفه مجرّداً.

وقد ضرب الله ورسوله الأمثال للناس لتقريب المراد وتفهيم المعنى وإيصاله إلى ذهن السامع ، وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مثّل به فقد يكون أقرب إلى تعقّله وفهمه وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره ، فإن النفس تأنس بالنظائر والأشباه وتنفر من الغربة والوحدة وعدم النظير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  وقفة بلاغية : وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) اخت...