سعيد بن حيدرة :
الرب في كلام العرب
يأتي على معان : فالسيد المطاع فيها يدعى ربا
والرجل المصلح للشيء
يدعى ربا .
والمالك للشيء يدعى رباً.
وقد يتصرف أيضا معنى
" الرب " في وجوه غير ذلك ، غير أنها تعود إلى بعض هذه الوجوه الثلاثة.
فربنا جل ثناؤه : السيد
الذي لا شبه له ، ولا مثل في سؤدده ، والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه ، والمالك
الذي له الخلق والأمر .
الرب ، هو المربي جميع
العالمين - وهم من سوى الله - بخلقه إياهم ، وإعداده لهم الآلات ، وإنعامه عليهم بالنعم
العظيمة ، التي لو فقدوها ، لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة ، فمنه تعالى .
وتربيته تعالى لخلقه
نوعان : عامة وخاصة .
فالعامة : هي خلقه للمخلوقين
، ورزقهم ، وهدايتهم لما فيه مصالحهم ، التي فيها بقاؤهم في الدنيا.
والخاصة : تربيته لأوليائه
، فيربيهم بالإيمان ، ويوفقهم له ، ويكمله لهم ، ويدفع عنهم الصوارف ، والعوائق الحائلة
بينهم وبينه ، وحقيقتها : تربية التوفيق لكل خير ، والعصمة عن كل شر . ولعل هذا المعنى
هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب . فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته
الخاصة.
فدل قوله {رَبِّ الْعَالَمِينَ}
على انفراده بالخلق والتدبير ، والنعم ، وكمال غناه ، وتمام فقر العالمين إليه، بكل
وجه واعتبار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق