سعيد بن حيدرة :
قال تعالى في سورة الفاتحة : مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ( 4) :
معنى الآية :
{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
} المالك : هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى ، ويثيب ويعاقب ،
ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات ، وأضاف الملك ليوم الدين ، وهو يوم القيامة
، يوم يدان الناس فيه بأعمالهم ، خيرها وشرها ، لأن في ذلك اليوم ، يظهر للخلق تمام
الظهور ، كمال ملكه وعدله وحكمته ، وانقطاع أملاك الخلائق . حتى إنه يستوي في ذلك اليوم
، الملوك والرعايا والعبيد والأحرار . كلهم مذعنون لعظمته ، خاضعون لعزته ، منتظرون
لمجازاته ، راجون ثوابه ، خائفون من عقابه ، فلذلك خصه بالذكر ، وإلا فهو المالك ليوم
الدين ولغيره من الأيام .
القراءات في هذه الآية
:
قُرِئَ مَلِكِ وَمَالِكَ
وَمَلْكِ بِسُكُونِ اللَّامِ، وَمَلَكَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ.
وقد اختلف العلماء أيهما
أبلغ ملك أو مالك ؟ فقيل إن ملك أعم وأبلغ من مالك ، إذ كل ملك مالك ، وليس كل مالك
ملكا ؛ ولأن أمر الملك نافذ على المالك في ملكه حتى لا يتصرف إلا بتدبير الملك ، قاله
أبو عبيد والمبرد ورجحه الزمخشري .
وقيل مالك أبلغ لأنه
يكون مالكا للناس وغيرهم ، فالمالك أبلغ تصرفا وأعظم.
وقال أبو حاتم : إن
مالكا أبلغ في مدح الخالق من ملك . وملك أبلغ في مدح المخلوقين من مالك ؛ لأن المالك
من المخلوقين قد يكون غير ملك ، وإذا كان الله تعالى مالكا كان ملكا . واختار هذا القاضي
أبو بكر بن العربي .
قال الشوكاني في
فتح القدير : والحق أن لكل واحد من الوصفين نوع أخصية لا يوجد في الآخر فالمالك يقدر
على ما يقدر عليه الملك من التصرفات بما هو مالك له بالبيع والهبة والعتق ونحوها ،
والملك يقدر على ما لا يقدر عليه المالك من التصرفات العائدة إلى تدبير الملك وحياطته
ورعاية مصالح الرعية ، فالمالك أقوى من الملك في بعض الأمور ، والملك أقوى من المالك
في بعض الأمور.
والفرق بين الوصفين
بالنسبة إلى الرب سبحانه أن الملك صفة لذاته ، والمالك صفة لفعله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق