سعيد بن حيدرة :
فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ
إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ
الملأ: سادة القوم.
والبشر- محركة : الإنسان
ذكرا أو أنثى ، واحداً كان أو جمعا. قال الراغب : « عبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا
بظهور بشرته وهي جلده من الشعر بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف والشعر والوبر» أي
والريش . والبشر مرادف الإنسان ، فيطلق كما يطلق الإنسان على الواحد والأكثر، والمؤنث
والمذكر. وقد يثنى كما في قوله تعالى : أنؤمن لبشرين مثلنا [المؤمنون: 47] .
الأرذال : جمع أرذل
المجعول اسما غير صفة كذلك على القياس ، أو جمع رذيل على خلاف القياس . والرذيل : المحتقر
. وأرادوا أنهم من لفيف القوم غير سادة ولا أثرياء . وإضافة (أراذل) إلى ضمير جماعة
المتكلمين لتعيين القبيلة ، أي أراذل قومنا . وعبر عنهم بالموصول والصلة دون أن يقال
: إلا أراذلنا لحكاية أن في كلام الذين كفروا إيماء إلى شهرة أتباع نوح - عليه السلام
- بين قومهم بوصف الرذالة والحقارة ، وكان أتباع نوح - عليه السلام - من ضعفاء القوم
ولكنهم من أزكياء النفوس ممن سبق لهم الهدى.
وبادي قرأه الجمهور-
بياء تحتية في آخره- على أنه مشتق من بدا المقصور إذا ظهر، وألفه منقلبة عن الواو لما
تحركت وانفتح ما قبلها ، فلما صيغ منه وزن فاعل وقعت الواو متطرفة إثر كسرة فقلبت ياء
. والمعنى فيما يبدو لهم من الرأي دون بحث عن خفاياه ودقائقه.
وقرأه أبو عمرو وحده
- بهمزة في آخره - على أنه مشتق من البداء، وهو أول الشيء.
والمعنى : فيما يقع
أول الرأي ، أي دون إعادة النظر لمعرفة الحق من التمويه ، ومآل المعنيين واحد.
والرأي : نظر العقل
، مشتق من فعل رأى ، كما استعمل رأى بمعنى ظن وعلم .
يعنون أن هؤلاء قد غرتهم
دعوتك فتسرعوا إلى متابعتك ولو أعادوا النظر والتأمل لعلموا أنك لا تستحق أن تتبع.
وانتصاب بادي الرأي
بالنيابة عن الظرف ، أي في وقت الرأي دون بحث عن خفيه ، أو في الرأي الأول دون إعادة
نظر.
وإضافة بادي إلى الرأي
من إضافة الصفة إلى الموصوف، ومعنى كلامهم: لا يلبث أن يرجع إلى متبعيك رشدهم فيعيدوا
التأمل في وقت آخر ويكشف لهم خطؤهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق