سعيد بن حيدرة :
عبد القادر البغدادي علم من أعلام الأمة ، وعالم لغة وأدب ، وكما يقول المحبي في خلاصة الأثر : هو أحسن المتأخرين معرفة باللغة والأشعار والحكايات البديعة ، مع التثبت في النقل وزيادة الفضل ، والانتقاد الحسن ، ومناسبة إيراد كل شيء في موضعه ، مع اللطافة وقوة الذاكرة ...) .
مولده ونشأته :
ولد عبد القادر بن عمر بن بايزيد بن الحاج أحمد البغدادي في مدينة بغداد سنة 1030هـ في ظروف حرجة كانت تعيشها المدينة ، فقد كانت موضع صراع بين الدولة الصفوية التي يرأسها : الشاه عباس الصفوي ، وبين الدولة العثمانية .
رغم هذه الظروف الحرجة لم يفت البغدادي أن يشتغل بالعلم واللغات ، ويتعلم لغة الفرس والترك معاً ، ةاستفاد منهما إلى جانب إفادته من العربية ، فشق لنفسه بذلك ميداناً فسيحاً ، أمكنه فيه أن يشدو من آداب تلك اللغات جميعاً .
رحلاته العلمية :
رحل إلى عدد من الأقطار لتعلم العلم ، ولقاء المشايخ فيمم وجه في رحلته الأولى إلى دمشق نحو سنة 1048 هـ ، ويعد محمد بن كمال الدين أول أستاذ له في دمشق ، ثم جلس في حلقة الإمام : محمد بن يحيى الفرضي فدرس عليه دراسة واسعة في علوم العربية .
في سنة 1050هـ رحل إلى مصر ، وكان عمره عشرين ، وتعد سن الوعي الكامل والنشاط العلمي ، وجلس إلى طائفة من علماء الجامع الأزهر، وكان أستاذاه البارزان ياسين الحمصي وشهاب الدين الخفاجي صاحب كتابي "ريحانة الألبّاء" و"شفاء الغليل"، وقد أجازه الخفاجي بمؤلفاته، كما ترك له مكتبته بعد وفاته، وكان فيها كثير من كتب اللغة والأدب ودواوين الشعر، مما كان له تأثير عظيم في ثقافته ومؤلفاته.
حفظ البغدادي في صدر شبابه مقامات الحريري ، وطائفة من دواوين العرب على اختلاف طبقاتهم ، فاكتسب بذلك حذقاً في نقد النصوص ، ومقارناتها .
في أدرنة أصيب البغدادي بمرض لم يستطع الأطباء علاجه، فتنقل في بعض البلاد التركية قبل أن يعود إلى القاهرة حيث وافته المنية. توفي سنة 1093هـ = 1682 م .
مؤلفات البغدادي :
1- خزانة الأدب ولبّ لباب لسان العرب (كتاب موسوعي في علوم العربية وآدابها) : وهو الكتاب الذي خلد اسم البغدادي ، ويعد أعلى موسوعة في علوم العربية وآدابها ، شحنه بالنصوص النادرة ، وحفظ لنا فيه بقايا من كتب فقدت أو اندثرت ، مع عناية كبيرة بالنقد والتحقيق لكل ما يورده من ذلك .
2- شرح شواهد الرضي على الشافية : نهجه فيه مماثل لما في الخزانة .
3- الحاشية على شرح بانت سعاد لابن هشام (مخطوطة)
4- شرح الشاهدي الجامع بين الفارسي والتركي
5- شرح شواهد شرح التحفة الوردية
6- رسالة في معنى التلميذ : وهي بحث لغوي فيما يتعلق بهذه الكلمة ، ومادتها وتأصيلها . وقد نشرها في مجلة المقتطف المحقق عبد السلام هارون .
رحم الله البغدادي فقد حفظ للعربية كثيراً من النصوص من خلال جهده الذي بذله في التحقيق والنقد لكل ما يورده .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق