السبت، 18 أكتوبر 2014

ذو الخرق الطهوي ... والنفس الأبية

سعيد بن حيدرة :
شاعر جاهلي من بني طهية ، اسمه : خليفة بن حمل بن عامر ، وذو الخرق لقب لقب به لقوله يصف إبلاً جاءت غرثى أى جائعة من المرعى نتيجة للجدب فقال :

جاءت عجافاً عليها الريش والخرق 

وذو الخرق يمتلك نفساً أبية تستعصي على الذل ، ولا تخضع للمهانة ، والسؤال مهما أصابها الجوع والحاجة ، وقلة ذات اليد . هذا ما ينطق به شعره في أبيات يمثل حواراً دار بينه وبين امرأة انصرفت عنه ، ونظرت إليه نظرة حنقة ثائرة لا لشيء إلا أنه افتقر فقال :
   مـا  بـال  أم حبـيـش  لا تكـلمـنـا         لما افتقرنا وقد نثـرى فنتفق 
               تقطع الطرف دوني وهي عابسة        كما تشـاوس فيـك الثائرالحنــق 
            لما رأت إبـلي جـاءت حمـولتـها         غرثى عجافاً عليها الريش والخرق 
      قــالـت ألا تـبتـغي مالاً تعيش به        عما تلاقي وشر العيشة الرمق 
      فـيـئـي إليك فـإنـا معـشـر صـبـر        في الجدب لا خفة فينا ولا رمق 
       إنــا إذا حـطمـة حتـت لنـا ورقـاً         نمارس العيش حتى ينبت الورق 

فمن خلال هذه الأبيات تظهر عزة نفس هذا الشاعر ، وعدم ضعفه  من خلال الصورة الرائعة التي صورها للمرأة ، وهي تنظر إليه نظرة مفرقة وقد استخدم كلمة : تشاوس وتعني النظر بمؤخر العين تكبراً وتغيظاً ، ثم زادها توضيحاً عندما نسبها للثائر الحنق وهو من اشتد غضبه .
وهكذا يصف الشاعر نفسه بالصبر عندما تهجم عليهم الحطمة وهي السنة الشديدة الجدب ، فلا تبقي ولا تذر إلا الرمق وهو بقية الروح .
ما أجملها من نفس ، وما أعزها من روح تحتمل الألم والجوع إلى أن يفرج الله . نسأل الله أن يرزقنا نفساً أبية ، تحتمل المكاره لتعيش بعزة وشرف 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  وقفة بلاغية : وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) اخت...