يا ليلُ الصبُّ متى غدُه | أقيامُ السَّاعةِ مَوْعِدُهُ |
رقدَ السُّمَّارُ فأَرَّقه | أسفٌ للبيْنِ يردِّدهُ |
فبكاهُ النجمُ ورقَّ له | ممّا يرعاه ويرْصُدهُ |
كلِفٌ بغزالٍ ذِي هَيَفٍ | خوفُ الواشين يشرّدهُ |
نصَبتْ عينايَ له شرَكاً | في النّومِ فعزَّ تصيُّدهُ |
وكفى عجباً أَنِّي قنصٌ | للسِّرب سبانِي أغْيَدهُ |
صنمٌ للفتنةٍ منتصبٌ | أهواهُ ولا أتعبَّدُهُ |
صاحٍ والخمرُ جَنَى فمِهِ | سكرانُ اللحظ مُعرْبدُهُ |
ينضُو مِنْ مُقْلتِه سيْفاً | وكأَنَّ نُعاساً يُغْمدُهُ |
فيُريقُ دمَ العشّاقِ به | والويلُ لمن يتقلّدهُ |
كلّا لا ذنْبَ لمن قَتَلَتْ | عيناه ولم تَقتُلْ يدهُ |
يا من جَحَدتْ عيناه دمِي | وعلى خدَّيْه توَرُّدهُ |
خدّاكَ قد اِعْتَرَفا بدمِي | فعلامَ جفونُك تجْحَدهُ |
إنّي لأُعيذُكَ من قَتْلِي | وأظُنُّك لا تَتَعمَّدهُ |
باللّه هَبِ المشتاق كَرَى | فلعَلَّ خيالَكَ يِسْعِدهُ |
ما ضَرَّك لو داوَيْتَ ضَنَى | صَبٍّ يُدْنيكَ وتُبْعِدهُ |
لم يُبْقِ هواك له رَمَقا | فلْيَبْكِ عليه عُوَّدُهُ |
وغداً يَقْضِي أو بَعْدَ غَدٍ | هل مِنْ نَظَرٍ يتَزَوَّدهُ |
يا أهْلَ الشوقِ لنا شَرَقٌ | بالدّمعِ يَفيضُ مَوْرِدُهُ |
يهْوى المُشْتاقُ لقاءَكُمُ | وظروفُ الدَّهْرِ تُبَعِّدهُ |
ما أحلى الوَصْلَ وأَعْذَبهُ | لولا الأيّامُ تُنَكِّدهُ |
بالبَينِ وبالهجرانِ فيا | لِفُؤَادِي كيف تَجَلُّدهُ |
الحُبُّ أعَفُّ ذَويهِ أنا | غيرِي بالباطِلِ يُفْسِدهُ |
كالدَّهْر أَجلُّ بَنِيهِ أبو | عَبْدِ الرَّحْمنِ مُحَمَّدهُ |
العفُّ الطاهِرُ مِئْزرُهُ | والحرُّ الطَّيَّبُ مَوْلِدُهُ |
شفَعَتْ في الأَصْلِ وزارَتُه | وزكا فتفَوَّقَ سُؤْددُهُ |
كَسَبَ الشَّرَفَ السامِي فغدا | فوْقَ الجوزاءِ يُشَيِّدُهُ |
وكفاه غلامٌ أَوْرَثَهُ | إِسْحَاق المَجْدِ وأَحْمَدهُ |
ما زالَ يجولُ مَدىً فَمَدىً | ويحلُّ الأَمْرَ وَيَعْقِدهُ |
حتّى أَعطَتهُ رئاسَتُه | وسياسَتُه ومهُنَّدهُ |
فاليومَ هو الملِكُ الأَعْلَى | مولَى مَنْ شَاءَ وسَيّدُهُ |
ميمونُ العُمْرِ مبارَكُهُ | منصورُ المُلكِ مُؤيَّدهُ |
هَيْنٌ لَيْنٌ في عِزَّتِهِ | لكن في الحرْبِ تَشَدُّدُهُ |
يطوِي الأيّامَ وَينْشُرُها | ويُقيمُ الدهرَ ويُقْعِدهُ |
شُهِرَتْ كالشّمسِ فضائِلُهُ | فأقرّ عداهُ وحُسَّدهُ |
لا يُطرِبُهُ التَّغْريدُ ولَوْ | غَنَّى بالأَرْغُنِ مَعْبَدهُ |
والخَمْرُ فلَيْسَتْ مِنْهُ ولا | لعبُ الشَّيْطانِ ولا دَدُهُ |
تركَ اللَّذَّاتِ فهِمَّتُهُ | عِلْمٌ يَرْويهِ ويُسْنِدهُ |
وبداً في المُلْكِ تُرَغِّبُه | وبُقىً في المالِ تُزهّدهُ |
وذكاءٌ مثل النَّارِ جَلا | ظُلَمَ الشُّبُهاتِ تَوقُّدهُ |
وهُدَىً في الخيرِ يُرَغِّبُه | وتُقىً في المُلك يزهّدهُ |
وحَواشٍ رقَّتْ مِنْ أَدَبِ | حتّى فَضَحت من يِنشدهُ |
لا عُذرَ لمادِحِهِ إن لَمْ | يدفق بغرِيبٍ يَنْقُدهُ |
غَيْلانُ الشِّعْر قُدَامَتُه | جَرْمِيُّ النَّحْو مُبَرّدُهُ |
وخَليلُ لُغاتِ الْعُرْبِ يق | فِي كتابَ الْعَيْنِ وَيَسْرُدهُ |
لما خاطبتُ وخاطَبَنِي | لم يخفَ عَلَيَّ تَعَبُّدهُ |
فنزلتُ له عن طرف السَّبْ | قِ وقلتُ بكَفِّكَ مِقْوَدهُ |
لو يعدَم عِلْمٌ أو كَرَم | أيقنتُ بِأَنَّكَ تُوجِدهُ |
من ذَمَّ الدهْرَ وزاركَ يا | مَلِكَ الدُّنْيا فَسَيَحْمَدهُ |
إن ذَلَّ فجيْشُك ينْصرُهُ | أو ضَلَّ فرأْيُكَ يُرْشِدهُ |
أو راحَ إلى أُمنيتِهِ | ظمآن فحَوْضُكَ يُورِدُهُ |
أنتَ الدنيا والدينُ لنا | وكريمُ العَصر وأَوحَدُهُ |
لو أنَّ الصَّخْرَ سقاهُ نَدَى | كَفَّيْكَ لأَوْرَقَ جَلْمَدهُ |
والرُّكْنُ لو اِنّك لامِسُهُ | لاِبيَضّ بكفّكَ أَسْوَدُهُ |
يَطوي السُّفّارُ إليكَ مَدىً | باللَّيْلِ فَيسْهَرُ أَرمدُهُ |
ويهونُ عَلَيهِم شَحطُ نَوىً | يُطْوَى بِحَديثكَ فَدْفَدُهُ |
والمَشرِقُ أنبأَ مُتْهِمُهُ | بالفضلِ عليكَ وَمُنْجِدُهُ |
والعينُ تراك فيُسْتَشْفَى | مطروفُ الجَفْنِ وَأَرْمَدُهُ |
سعِدَتْ أيَّامُ الشَّرْقِ وما | طَلَعَتْ إِلّا بِكَ أَسْعُدُهُ |
وأَضَاءَ الحَقُّ لِمُرسِيةٍ | لَمَّا أَورَت بك أَزْنُدُهُ |
بالعدْلِ قمعتَ مظالِمَها | وَبِحُسنِ الرأَيِ تُسَدِّدهُ |
وجلبتَ لها العُلَمَاءَ فلمْ | تَترُك عِلما تَتَزَيَّدُهُ |
وزرعتَ من المعروف لها | ما عند اللّه ستَحْصُدهُ |
واِهتَزَّ لإسْمِكَ مِنبَرُها | فليدعُ به من يَصْعَدهُ |
قد كان الشيخُ أخا كرم | ينهلُّ عَلَى من يَقْصِدهُ |
فمضى وبقِيتَ لنا خَلَفاً | من كُلِّ كريم نَفْقِدهُ |
فاللّه يقيكَ السّوءَ لنا | وبرحمتِهِ يتَغَمَّدهُ |
ولقد ذَهَبَتْ نُعْمَى عَيْشِي | وطريفُ المالِ ومُتْلَدهُ |
أمُحِبُّكَ يدخُلُ مَجْلسه | فيقال أهَذَا مَسْجدُهُ |
لا بُسْط به إلا حُصرٌ | فعسى نعماكَ تمَهِّدهُ |
فاِبعَث لمُصَلٍّ أَبْسِطَةً | في الصَّفِّ لِيحْسُن مَقْعَدُهُ |
وَعساك إذا أنعَمْتَ به | من صاحِبِهِ لا تُفْرِدُهُ |
باِثنين يُغَطّى البَيتُ ولا | يُكْسَي بالفرْدِ مُجَرَّدُهُ |
صلني بهما واِغنَم شُكرِي | فثنائِي عليكَ أُخَلِّدهُ |
أَتُراكَ غَضِبتَ لما زَعموا | وطمَى من بحركَ مُزْبدهُ |
وَبَدا من سيفِكَ مُبرِقُه | وَعلا من صوتك مُرْعِدهُ |
هَل تأتِي الرّيحُ على رَضْوَى | فتقوّيه وتُصَعِّدهُ |
أَنتَ المولى والعبدُ أنا | فبأَيِّ وَعيدِك تُوعِدهُ |
ما لِي ذنبٌ فتعاقبُنِي | كذب الواشِي تَبَّتْ يدهُ |
ولو اِستَحقَقتُ مُعاقَبَةً | لأبى كرمٌ تَتَعَوَّدهُ |
عَن غير رضايَ جَرَتْ أشيا | ءُ تُغيضُ سواكَ وتُجْمِدهُ |
واللّهُ بذاك قضى لا أنْ | تَ فلَسْتُ عليكَ أعدِّدهُ |
لا تغد عليَّ بمُجْتَرِمٍ | لم يثْبُتْ عندك شُهَّدهُ |
فوزيرُ العَصرِ وَكاتِبُه | ومرسِّلُه ومُقَصِّدهُ |
يُبْدِي ما قلتُ بمجلِسِهِ | أَيضاً ولسوفَ يُفَنِّدُهُ |
إِن كنتُ سببتكُ فُضَّ فمِي | وَكفرتُ برَبٍّ أَعْبُدهُ |
حاشا أدبي وسنا حسبِي | من ذَمِّ كريم أَحْمَدهُ |
سَتجودُ لعبدِكَ بالعفو | فيذيبُ الغَيْظَ ويطردُهُ |
وقديمُ الوُدِّ ستذكرُهُ | وتجدِّدُهُ وتؤَكِّدُهُ |
أوَ ليسَ قديمُ فخارِكَ ين | شينِي وَعُلاكَ يُشَيِّدهُ |
يا بدرَ التّمِّ نكحتَ الشَّمْ | سَ فذاك بُنيّك فَرْقَدهُ |
فَاِسلَم للدين تُمَهِّدُهُ | ولِشَمْلِ الكفْرِ تُبدِّدهُ |
واِقبل غَيْداءَ محبَّرَةً | لفظاً كالدُّرِّ مُنَضّدُهُ |
لو أَنّ جميلاً أَنشَدَها | في الحيَّ لذابتْ خُرَّدُهُ |
أهديتُ الشِّعْرَ على شَحَطٍ | ونداك قريبٌ مَوْلِدهُ |
ما أَجوَدَ شِعرِي في خَبَبٍ | والشعرُ قليلٌ جَيِّدهُ |
لولاك تساوَى بَهْرَجُهُ | في سُوقِ الصَّرْفِ وعسْجَدهُ |
وَلَضاع الشعرُ لذِي أدَبٍ | أو ينفقهُ من يَنْقُدهُ |
فَعَليك سلامُ اللَّهِ مَتى | غنَّى بالأيك مُغَرِّدهُ |