قال الحريري في
كتابه : درة الغواص في أوهام الخواص :
وَيَقُولُونَ أزف وَقت
الصَّلَاة إشارة إِلَى تضايقه ومشارفة تصرمه.
فيحرفونه فِي مَوْضِعه
، ويعكسون حَقِيقَة الْمَعْنى فِي وَضعه ، لِأَن الْعَرَب تَقول : أزف الشَّيْء بِمَعْنى
دنا واقترب ، لَا بِمَعْنى حضر وَوَقع ، يدل على ذَلِك أَن سُبْحَانَهُ سمى السَّاعَة
آزفة وَهِي منتظرة لَا حَاضِرَة ، وَقَالَ عز وَجل فِيهَا : { أزفت الآزفة } ، أَي
دنا ميقاتها وَقرب أوانها ، كَمَا صرح جلّ اسْمه بِهَذَا الْمَعْنى فِي قَوْله سُبْحَانَهُ
: { اقْتَرَبت السَّاعَة} ، وَالْمرَاد بِذكر اقترابها التَّنْبِيه على أَن مَا مضى
من أمد الدُّنْيَا أَضْعَاف مَا بَقِي مِنْهُ ، ليتعظ أولو الْأَلْبَاب بِهِ.
وَمِمَّا يدل أَيْضا
على أَن أزف بِمَعْنى اقْترب ، قَول النَّابِغَة :
أزف الترحل غير أَن رِكَابنَا
لما تزل برحالنا وَكَأن قد)
فتصريحه بِأَن الركاب
مَا زَالَت ، يشْهد بِأَن معنى قَوْله : أزف ، أَي اقْترب ، إِذْ لَو كَانَ قد وَقع
لَسَارَتْ الركاب.
درة
الغواص للحريري صفحة ( 14 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق