سعيد بن حيدرة :
هكذا سمى جرير الخطفي قصيدته التي هجا بها الراعي والفرزدق ، فقد كان عبيد الراعي قد فضل الفرزدق على جرير بناء على طلب عرادة الراعي الذي كان نديماً للفرزدق فقال :
يا صاحبي دنا الأصيل فسيرا ... غلب الفرزدق في الهجاء جريرا
فلما علم جرير قال له يا أبا جندل إني وابن عمي يعني الفرزدق نستب صباحاً ومساء فادعني وصاحبي ، فلم يستمع إليه فقال جرير : أما والله لأثقلن رواحلك ، ثم أقبل إلى منزله ، وقال لروايته : زد في دهن سراجك الليلة ، وأعدد لوحاً ودواة ، فأقبل على هجاء بني نمير حتى وصل إلى قوله :
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعباً بلغت ولا كلاباً
فقال : حسبك أطفئ سراجك ونم . ثم أتمها وغدا إلى سوق الإبل فأنشدها الراعي حتى وصل إلى قوله :
إذا غضبت عليك بنو تميم ... حسبت الناس كلهم غضابا
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعباً بلغت ولا كلاباً
فقال الراعي لابنه : يا غلام بئسما كسبنا قومنا ، فقام من ساعته وقال لأصحابه : ركابكم ، فليس لكم ههنا مقام ، فضحكم جرير . فقال له بعضهم : ذلك بشؤمك .
ويقال أن امرأة مرت على بعض فتيان بن نمير فأداموا النظر إليها ، وقال بعضهم هي رشحاء أي كثيرة العرق ، فالتفت إليهم ، وقالت : قبحكم الله يا بني نمير لم تسمعموا في أحد الناصحين : لم تسمعموا قول الله عز وجل : {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ } . ولا قول الشاعر :
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعباً بلغت ولا كلاباً
وهذه القصيدة تسميها العرب الفاضحة ، وسماها جرير الدامغة أو الدماغة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق