الأحد، 13 سبتمبر 2015

الطحاوي : لا يُقَلِّدُ إلا متعصب

العلماء الربانيون منارات يهتدى بها ، بعلمهم ، وسلوكهم ، وسمتهم ، وقد ضرب لنا كثير من العلماء أمثلة رائعة في تحريهم الحق حتى وإن خالف مذاهبهم ، وأئمتهم الذين تتلمذوا على أيديهم ، وهذا مثال من تلك الأمثلة وقع لأمام من أئمة المسلمين المقتدى بهم وهو الإمام : أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي ، المتوفى سنة 321هـ في نبذ التعصب ، وتحري الحق الذي يرشد إليه الدليل .
وأبو جعفر الطحاوي من علماء الحديث المعروفين ومن الفقهاء المشهورين أيضاً ، وكان شافعياً تَفَقَّهَ على المُزَنِي رحمه الله تلميذ الشافعي ، ثم انتقل في الفروع من مذهب الشافعية إلى مذهب الحنفية فصار في المذهب حنفي المذهب إلا أنَّهُ لا يتعصب لقول أبي حنيفة ولا يُقَلِّدُهُ ؛ بل صنيع العلماء المحققين أنْ يتابعه فيما ظهر فيه الدليل وأن يأخذ بالدليل إذا خالف قول الإمام .
وجرت مناظرة في ذلك ، أو جرى حوارٌ في ذلك بين الطحاوي وبين أحد العلماء في مصر من الحنفية ، فقال الطحاوي في مسألة بغير قول الإمام أبي حنيفة ، فذاك قال له : ألست من أتباع أبي حنيفة ؟
قال : بلى ، ولكني لا أقَلِّدُهُ ؛ لأنَّهُ لا يُقَلِّدُ إلا عصبي - يعني متعصباً -.
فقال الآخر وغبي أيضاً - يعني لا يقلد من أهل العلم إلا عصبيٌ أو غبي -.

فصارت الكلمة مثلاً في مصر تداولها الناس في مقولة هذين العالمين ، وذلك يدل على تحرّي أبي جعفر الطحاوي للحق وعلى ابتغائه له .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  وقفة بلاغية : وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) اخت...