الجمعة، 26 سبتمبر 2014

عنترة بن شداد العبسي وبراعة اختراع في التشبيه

سعيد بن حيدرة :
معلقة عنترة بن شداد العبسي من أجمل القصائد في الأدب العربي ، وهي من أجود شعره ، وكانت العرب تسميها المذهبة بصيغة اسم المفعول من الإذهاب أو التذهيب ، وهما التمويه والتطلية بالذهب .
وإذا كانت معلقة عنترة من أروع قصائد الشعر الجاهلي فإن فيها أبياتاً حازت استحساناً من قبل الأدباء والنقاد العرب منها على سبيل التمثيل وليس الحصر هذان البيتان في وصف روضة :

وخلا الذباب بها فليس ببارح      غردا كفعل الشارب المترنم
هزجا يحك ذراعه بذراعه         فعل المكب على الزناد الأجذم

والمعنى الذي رمى إليه عنترة فيهما : خلا الذباب بهذه الروضة فلا زال يرجع صوته بالغناء كشارب الخمر . ( البراح ) الزوال ، و( الغرد ) وصف من التغريد وهو الغناء . 
وفي البيت الثاني : شبه الذباب إذا سن إحدى ذراعيه بالأخرى بأجذم يقدح ناراً بذراعيه . وقد أعجب النقاد العرب بهذا التشبيه ، وعدوه من عجيب التشبيه ، قال البغدادي في خزانة الأدب : ( يقال : إنه لم يقل أحد في معناه مثله ، وقد عده أرباب الأدب من التشبيهات العقم ؛ وهي التي لم يسبق إليها ، ولم يقدر أحد عليها ) . 
وعنترة هو ابن شداد بن عمرو بن قراد ، وشداد جده ، وأمه أمة سوداء نفضت عليه من سوادها ، وأكسبته لونها ؛ لذلك يعد  أحد أغربة العرب ، وكان أشجع أهل زمانه ، وأجودهم بما ملكت يده .
والعنتر في اللغة : الذباب الأزرق . وقد تفننت السينما العربية في تصوير ملامح عنترة ، ورسمت له أشكالاً مختلفة مثل هذه الصورة .


صورة عنترة كما صورته بعض الأفلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  وقفة بلاغية : وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) اخت...